الرهان على التنوع الاقتصادي في مواجهة الجفاف بالمغرب والإجهاد المائي

بواسطة أميـرة فيصـل 5 دقيقة للقراءة
الرهان على التنوع الاقتصادي في مواجهة الجفاف بالمغرب والإجهاد المائي
الرهان على التنوع الاقتصادي في مواجهة الجفاف بالمغرب والإجهاد المائي

استقبل المغرب سنة 2025 وسط تحديات اقتصادية كبيرة، بعد أن انتهت سنة 2024 على إيقاع الجفاف الذي يعصف بالبلاد. يُشكل هذا الوضع صعوبة إضافية على سكان المناطق القروية، خاصة في المناطق التي تعاني من شح في الموارد المائية وتدهور في مستوى الفرشة المائية، مما يجعل البلاد تواجه عاماً صعباً جديداً، في ظل استمرار آثار الجفاف على الاقتصاد الوطني.

التحديات الاقتصادية في مواجهة الجفاف بالمغرب

تعكس هذه الظروف العديد من التحديات التي يواجهها القطاع الفلاحي في المغرب. فقد شهد القطاع الفلاحي تراجعاً في الإنتاج بسبب الجفاف، ولا يُتوقع أن يكون موسم 2025 أفضل من سابقه. في هذا السياق، يرى المحلل الاقتصادي محمد جدري أن فرضيات نمو الاقتصاد المغربي في 2025 تعتمد على شرطين رئيسيين: الأول هو تحقيق موسم فلاحي متوسط بإنتاج حوالي 70 مليون قنطار من الحبوب، والثاني هو استقرار أسعار الطاقة في الأسواق الدولية، بحيث لا تتجاوز 600 دولار للطن من الغاز و80 دولاراً للبرميل من النفط.

في تصريح لجريدة هسبريس، أوضح جدري أن “القيمة المضافة الفلاحية لم تعد تؤثر بشكل كبير على نمو الاقتصاد، لكن تأثيرها يظل ملموساً في نسبة النمو العامة”. ومع ذلك، أشار إلى أن الاقتصاد الوطني يحقق نمواً مستقراً من خلال قطاعات اقتصادية غير فلاحيّة، مثل الصناعات الاستخراجية، صناعة السيارات والطائرات، والنسيج، والسياحة، والصناعة التقليدية، التي تساهم بنسبة تتراوح بين 3% و3.5% من النمو.

التنوع الاقتصادي ودور القطاعات غير الفلاحية

على الرغم من التحديات التي يواجهها القطاع الفلاحي، يعوّل المغرب على تنويع اقتصاده ليتمكن من تحقيق نمو مستدام. تساهم القطاعات غير الفلاحية بشكل كبير في تحقيق النمو، وأصبح القطاع الفلاحي أقل تأثيراً على إجمالي الاقتصاد. في هذا الإطار، يذكر جدري أن تحقيق معدل نمو يصل إلى 4.7% يتطلب مساهمة أكبر من القطاع الفلاحي، الذي يعتمد بشكل أساسي على ظروف الطقس والماء.

- Advertisement -

وبحسب جدري، فإن المغرب يستطيع ضمان نمو يصل إلى 3% أو 3.3% حتى في ظل تراجع الإنتاج الفلاحي، بفضل الانتعاش المسجل في قطاعات الصناعة والسياحة، الأمر الذي يعكس تحولاً في الاقتصاد الوطني نحو مزيد من التنوع.

التحديات المرتبطة بمستقبل الزراعة والمياه

يواجه القطاع الفلاحي تحديات أكبر بسبب التغيرات المناخية التي أثرت بشكل مباشر على الإنتاج الزراعي في المملكة. وقد أشار الخبير الفلاحي رياض أوحتيتا إلى أن التساقطات المطرية التي شهدها المغرب في بداية الموسم الفلاحي كانت محدودة، وهو ما أثّر على زراعة الحبوب بشكل كبير. وأضاف أن تأخر هطول الأمطار في بداية الموسم الفلاحي “أثر بشكل كبير على الزراعة البورية”، حيث أن غياب هذه الأمطار في الثلث الأول من الموسم يُعد من العوامل الأساسية التي تؤثر سلباً على النشاط النباتي.

وأشار أوحتيتا إلى أن التغيرات المناخية ليست مقتصرة على قلة الأمطار فقط، بل تشمل أيضاً تقلبات درجات الحرارة وموجات البرد، والتي تساهم في تدهور خصائص التربة وتؤثر على الإنتاج الزراعي. ولفت إلى أن المغرب قد يكون في مواجهة “أخطر مرحلة من الجفاف”، وهو “جفاف التربة” الذي يحتاج إلى مئات السنين لاستعادة خصائصه الإنتاجية.

رهانات استراتيجية على الماء والطاقة

أمام هذه التحديات، يتعين على المغرب التركيز على تطوير استراتيجيات لإدارة الموارد المائية وتعزيز الاستثمارات في الطاقة البديلة لضمان استدامة الاقتصاد الوطني. يتطلب ذلك تعزيز الاستثمارات في مشاريع المياه الصالحة للشرب والسقي، كما قال جدري: “يجب أن نواصل السير في المخطط الاستراتيجي للمياه حتى عام 2027، لنتمكن من التحكم بشكل كبير في موارد المياه”.

ويعتبر هذا التوجه خطوة هامة لتحقيق النمو المستدام في المستقبل، إذ يمكن للمغرب الوصول إلى أهداف النموذج التنموي الجديد بحلول عام 2028 عندما يصبح التحكم في المياه والطاقة متاحاً بشكل كبير.

- Advertisement -

التوقعات الاقتصادية للعام 2025

تتباين التوقعات بشأن الاقتصاد المغربي لعام 2025، لكن معظم المحللين متفقون على أن النمو لن يتجاوز 4.7% إلا إذا تحسنت الظروف المناخية. وعلى الرغم من الوضع الصعب الذي يعيشه القطاع الفلاحي، يُتوقع أن يظل الاقتصاد المغربي يعتمد في جزء كبير على القطاعات غير الفلاحية التي أصبحت تساهم بشكل أساسي في دفع عجلة النمو.

بناءً على التحليلات المذكورة، يظل المغرب في حاجة إلى تنويع اقتصاده بشكل أكبر، وتطوير قطاعات أخرى بعيداً عن الاعتماد الكبير على القطاع الفلاحي. وبالرغم من التحديات التي يواجهها القطاع الفلاحي نتيجة الجفاف بالمغرب والإجهاد المائي، تبقى القطاعات غير الفلاحية الأمل لتحقيق معدلات نمو مرتفعة. يضاف إلى ذلك ضرورة تحسين استراتيجيات إدارة المياه والطاقة لضمان الاستدامة الاقتصادية في المستقبل.

تم وضع علامة:
شارك هذه المقالة
اترك تعليقا