فيلم «الجميع يحب تودا».. رحلة شجاعة امرأة مغربية تواجه التحديات

بواسطة المرنيس التجاني 6 دقيقة للقراءة
فيلم «الجميع يحب تودا».. رحلة شجاعة امرأة مغربية تواجه التحديات
فيلم «الجميع يحب تودا».. رحلة شجاعة امرأة مغربية تواجه التحديات

بداية صادمة شهدها الفيلم المغربي الجديد «الجميع يحب تودا»، حيث يظهر اعتداء مؤثر على البطلة “تودا” في أولى مشاهد الفيلم، لتبدأ رحلة ملحمية ممتدة على مدار أكثر من 100 دقيقة. عرض الفيلم للمرة الأولى عربياً ضمن فعاليات النسخة السابعة من مهرجان الجونة السينمائي، منافساً على جوائز المسابقة الرسمية بعد عرضه الأول في مهرجان كان السينمائي، ما أكسبه اهتماماً واسعاً.

«تودا».. رمز الشجاعة وتحقيق الذات في المجتمع المغربي

يجسد الفيلم رحلة «تودا»، التي تحلم بأن تصبح «شيخة»، وهي مطربة شعبية مغربية تقدم فن العيطة، أحد ألوان الأغاني التراثية، وتسعى للتعبير عن موهبتها الفنية على الرغم من القيود الاجتماعية. «تودا»، التي تقوم بدورها الممثلة المغربية نسرين الراضي، أم تتحمل مسؤولية تربية ابنها الوحيد، وتضطر إلى الانتقال من قريتها الصغيرة إلى مدينة الدار البيضاء حيث تواجه تحديات عديدة في سعيها لتحقيق حلمها بالغناء.

يركز الفيلم على تصوير حياة تودا وعلاقتها بفن «العيطة»، الذي يعود جذوره إلى معاناة المغاربة في مقاومة الاحتلال، إذ تشكل هذه الأغاني جزءاً أساسياً من التراث الشعبي المغربي، وتمثل نضالاً وإرثاً يحافظ عليه الفنانون الشعبيون. طوال الأحداث، تعبر «تودا» من خلال الأغاني عن قصص أجيال مختلفة وتعرض ملامح ثقافية غنية.

مخرج الفيلم نبيل عيوش: استلهام من قصص حقيقية

صرح مخرج الفيلم، نبيل عيوش، لصحيفة «الشرق الأوسط» بأن «الجميع يحب تودا» مستوحى من قصص حقيقية لنساء قابلن تحديات مماثلة، حيث استلهم من معاناتهن ونقلها إلى الشاشة في صورة درامية مؤثرة. وأوضح أنه يهدف من خلال الفيلم إلى تقديم صورة مغايرة لشخصية «الشيخة» بعيدة عن النمطية، مشيراً إلى أن كل «شيخة» تتميز بقصة خاصة. وأكد عيوش أن اختيار نسرين الراضي كان بسبب إعجابه بأدائها التمثيلي منذ أن شاهدها للمرة الأولى قبل نحو 15 عاماً، حيث أثبتت أنها تستطيع تجسيد شخصية «تودا» بعمق.

- Advertisement -

أداء نسرين الراضي: تجسيد عاطفي ودقيق

أشاد النقاد بأداء نسرين الراضي في دور «تودا»، معتبرين أن أدائها عكس التحديات التي تواجهها بطلة الفيلم، كما أضاف الناقد السعودي أحمد العياد أن نسرين استطاعت التعبير عن كل جوانب الشخصية بتفاصيل دقيقة، مما جعلها علامة فارقة في مسيرتها السينمائية. وأضاف أن الفيلم احتوى على تحويلات عدة بين مشاهد تعكس صعوبات «تودا» كأم و«شيخة»، مما جعل المشاهد مرتبطاً بالأحداث دون ملل، خاصة مع استخدام المخرج لإيقاع سريع وجذاب للمشاهد، مشيراً إلى تحية المخرج للشيخات اللاتي يحافظن على التراث الثقافي في المغرب.

لقطة من فيلم «الجميع يحب تودا»..
لقطة من فيلم «الجميع يحب تودا»..

فن العيطة: توثيق حي للتراث الشعبي

تناول الفيلم فن العيطة، وهو من الفنون التراثية المغربية، ويشدد الناقد المصري طارق الشناوي على أن المخرج نبيل عيوش تمكن من تقديم رؤية توثيقية للفن الشعبي دون أن يؤثر ذلك على الطابع الدرامي للفيلم. وأكد أن حياة «تودا» الصاخبة والمتقلبة، التي بدأت بمشهد الاعتداء عليها، جعلت المشاهد يتفاعل معها من اللحظة الأولى، مشيراً إلى أن الشخصيات في الفيلم مليئة بالعواطف والمواقف الميلودرامية التي نجحت في إيصال رسالة الفيلم وجذب المشاهدين.

تصوير مميز وإبراز مشاعر المعاناة

أحد العناصر التي أضافت بعداً عميقاً للفيلم كانت زوايا التصوير المستخدمة، إذ أبدى الناقد أحمد العياد إعجابه بالطريقة التي استخدمها المخرج للتعبير عن معاناة البطلة «تودا»، حيث ركز على تعابير وجهها عن قرب، خاصة في المواقف التي تعكس اليأس والإحباط. وبيّن العياد أن هذا التركيز البصري أضاف بعداً حسيًّا للمشاهد، حيث تظهر «تودا» في لحظات صعبة مليئة بالتحدي، بينما تسعى لإثبات موهبتها كفنانة في عالم تتحداه القيود الاجتماعية والموروثات الثقافية.

قصة «الشيخة» بين التحدي والانتصار

يحاول الفيلم إظهار «تودا» كرمز للتحدي، إذ تسعى لتحقيق حلمها بالغناء كـ”شيخة” محترفة، ليس فقط لتحقيق الطموح الشخصي، بل لتقديم صورة مشرفة عن الفن الشعبي وتطويره. تسعى «تودا» لإثبات قدرتها على الغناء بوصفها فنانة موهوبة وليس مجرد مؤدية في الملاهي الليلية، في محاولة لتغيير الصورة النمطية عن “الشيخة”، ويأتي ذلك بشكل متناسق مع الأحداث التي تكشف عن شخصيتها القوية وتصميمها.

«الجميع يحب تودا».. تكريم للمرأة المغربية

يمثل فيلم «الجميع يحب تودا» تكريماً للنساء المغربيات اللواتي يواجهن تحديات اجتماعية ويخضن تجارب صعبة من أجل تحقيق أحلامهن. يكشف الفيلم عن قوة شخصية المرأة المغربية وتحديها للصعوبات من أجل حياة أفضل لعائلاتها، وخاصة أولئك النساء اللاتي يكرسن حياتهن للفن والتراث، مثل «تودا» التي تمثل جزءاً من هذا الإرث الحي.

- Advertisement -

استقبال إيجابي من النقاد والجمهور

حظي الفيلم بتفاعل إيجابي من الجمهور والنقاد خلال عرضه في مهرجان الجونة السينمائي، حيث عبّر الجمهور عن إعجابهم بالأداء المميز لـ نسرين الراضي والأسلوب الدرامي الذي استخدمه المخرج لتقديم حياة «تودا». أشاد النقاد بالتناول العميق والواقعي لشخصية «الشيخة» بعيدًا عن الصورة النمطية، مما يجعل الفيلم إضافة مميزة للسينما المغربية ويعكس تطور محتواها الفني.

يعتبر «الجميع يحب تودا» عملاً فنياً مهماً يعكس قضايا اجتماعية وثقافية معاصرة، ويقدم دراما إنسانية مؤثرة تنقل معاناة النساء في المجتمع من خلال عدسة الفن والتراث، وهو ما يجعله واحداً من الأعمال السينمائية الجديرة بالمشاهدة لهذا العام.

شارك هذه المقالة
روابط السوشل ميديا
صحفي مهني ومبتكر برامج، يتمتع بخبرة واسعة في مجال الإعلام والتسويق. حائز على شهادات من جوجل ويوتيوب، مما يضيف بُعداً رقميًا متقدمًا لمهاراته في إعداد المحتوى وإدارة الحملات الترويجية. يتميز بقدرات عالية في التخطيط الاستراتيجي للاتصال وتقديم تجارب إعلامية مميزة، مع شغف دائم بتطوير البرامج الإعلامية وتقديم محتوى يلبي احتياجات الجمهور ويترك أثرًا إيجابيًا مستدامًا.
اترك تعليقا