عام 2024: العام الأكثر سخونة في التاريخ وتفاقم التغيرات المناخية

بواسطة المرنيس التجاني 7 دقيقة للقراءة
عام 2024: العام الأكثر سخونة في التاريخ وتفاقم التغيرات المناخية
عام 2024: العام الأكثر سخونة في التاريخ وتفاقم التغيرات المناخية

في تقرير جديد صادر عن خدمة التغير المناخي التابعة لمرصد “كوبرنيكوس” الأوروبي، تم الإعلان عن أن عام 2024 من المتوقع أن يكون العام الأكثر سخونة منذ بدء تسجيل درجات الحرارة عالميًا. يأتي هذا التحذير وسط زيادة ملحوظة في درجات الحرارة العالمية، مع ارتفاعات غير مسبوقة تشير إلى أن درجة الحرارة السنوية في هذا العام قد تتجاوز 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وهو الحد الذي نصت عليه اتفاقية باريس للحد من آثار تغير المناخ.

تجاوز حد 1.5 درجة مئوية: ما المعنى؟

تعتبر زيادة الحرارة العالمية بمقدار 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية علامة تحذير هامة للمناخ العالمي. لقد حددت اتفاقية باريس هذه العتبة كحد يمكن للمجتمع الدولي من خلاله تجنب أسوأ آثار التغير المناخي. تجاوز هذا الحد، ولو حتى لفترات زمنية قصيرة، يعزز احتمالات حدوث ظواهر مناخية قاسية، مثل موجات الجفاف والحرائق واسعة النطاق والأعاصير المدارية العنيفة، التي تؤثر بشكل كبير على الأنظمة البيئية والصحية والزراعية والاقتصادية حول العالم.

تشير التقديرات العلمية إلى أن الاستمرار في تجاوز عتبة 1.5 درجة مئوية يزيد من احتمالية الوصول إلى نقاط تحول بيئية خطيرة، منها ذوبان الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي بشكل غير قابل للاستعادة، وتغير تيارات المحيطات التي تلعب دورًا مهمًا في تنظيم مناخ الأرض. يمكن أن تؤدي هذه التحولات إلى نتائج كارثية على مستوى الكوكب، بما في ذلك ارتفاع منسوب مياه البحار، الذي قد يغمر مدنًا ساحلية ومناطق منخفضة بشكل دائم.

شهر أكتوبر 2024: تسجيل أعلى درجات حرارة

أشار مرصد كوبرنيكوس إلى أن شهر أكتوبر من عام 2024 شهد ارتفاعًا غير مسبوق في درجات الحرارة، حيث بلغت الحرارة فيه 1.65 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة. وبذلك يكون هذا الشهر هو الخامس عشر من بين آخر 16 شهرًا تجاوزت فيه درجة حرارة الأرض السطحية العتبة الحرجة التي حددتها اتفاقية باريس.

- Advertisement -

وبالإضافة إلى كون شهر أكتوبر الأكثر سخونة في هذا العام، فإن هذه الزيادة تعكس التغيرات المتسارعة التي تحدث في مناخ الأرض، ويؤكد العلماء أن ارتفاع درجة حرارة الأرض لم يعد ظاهرة يمكن تجاهلها، إذ ينعكس هذا الاتجاه على مستوى العالم. وفقًا للبيانات، فإن متوسط درجة الحرارة العالمية للأشهر العشرة الأولى من عام 2024 كان أعلى بمقدار 0.71 درجة مئوية من خط الأساس للفترة 1991 – 2020، وهو معدل غير مسبوق.

أسباب ارتفاع درجات الحرارة

يرجع الخبراء هذا الارتفاع في درجات الحرارة إلى مجموعة من العوامل، منها:

  1. الاحتباس الحراري الناتج عن زيادة انبعاثات غازات الدفيئة، مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان، بسبب الأنشطة البشرية مثل الصناعة والزراعة والنقل.
  2. ظاهرة النينو: التي تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة في المحيط الهادئ وتؤثر على المناخ العالمي، مما يسهم في ارتفاع درجات الحرارة العالمية.
  3. إزالة الغابات، التي تقلل من قدرة الأرض على امتصاص ثاني أكسيد الكربون، مما يفاقم من آثار التغير المناخي.

تعمل هذه العوامل مجتمعة على زيادة الاحترار العالمي بمعدلات أسرع مما كان متوقعًا في السابق، مما يتطلب استجابة فورية للتخفيف من تأثيراتها.

تحذيرات من تفاقم الظواهر المناخية

أعربت سامانثا بورغيس، نائبة رئيس خدمة تغير المناخ في مرصد كوبرنيكوس، عن قلقها البالغ إزاء هذا الاتجاه الحاد في درجات الحرارة العالمية، قائلة إن العالم يدخل “مرحلة جديدة في سجلات درجات الحرارة العالمية”. وأضافت أن تجاوز عتبة 1.5 درجة مئوية لفترات طويلة قد يؤدي إلى تحول هذه الظواهر المناخية القاسية إلى حالات دائمة، حيث يمكن أن تشهد الدول فيضانات عارمة، وانهيارات في سلاسل الإنتاج الغذائي بسبب الجفاف المتكرر، وانتشار الأوبئة بسبب ظروف الطقس غير المستقرة.

كما حذرت بورغيس من أن الظروف المناخية الحادة قد تدفع العديد من الناس للنزوح والهجرة، مما سيؤدي إلى أزمة لاجئين مناخيين في المستقبل القريب. وأكدت بورغيس أن هذا الأمر يتطلب تحركًا سريعًا وفعالًا من جميع الدول لتحقيق أهداف الحد من الاحتباس الحراري قبل الوصول إلى نقاط التحول الكارثية.

- Advertisement -

أهمية مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في باكو

دعت بورغيس، وغيرها من الخبراء، إلى أهمية الاستفادة من مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ المقرر عقده قريبًا في باكو، أذربيجان، لاتخاذ قرارات حاسمة لمواجهة هذه الأزمة. ويمثل المؤتمر فرصة للمجتمع الدولي لتعزيز التزاماته تجاه خفض الانبعاثات وتكثيف العمل على حلول الطاقة النظيفة.

كما سيسعى المؤتمر إلى تفعيل تعهدات الدول بزيادة التمويل للدول النامية، التي تعاني من آثار التغير المناخي، وذلك لمساعدتها على التكيف مع الأضرار المتزايدة الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة، مثل الجفاف ونقص الموارد المائية.

الحلول المقترحة لمواجهة التغير المناخي

مع اقتراب العالم من تخطي عتبة 1.5 درجة مئوية، يعكف العلماء وصناع القرار على دراسة حلول مستدامة، ومنها:

- Advertisement -
  1. تحول كامل إلى مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح، للتقليل من الاعتماد على الوقود الأحفوري.
  2. إعادة التشجير لزيادة المساحات الخضراء التي تمتص ثاني أكسيد الكربون وتقلل من التأثيرات الحرارية.
  3. تطوير تقنيات احتجاز الكربون التي يمكنها التقاط انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من المنشآت الصناعية.
  4. تحسين كفاءة الطاقة في المباني ووسائل النقل للحد من الانبعاثات، من خلال استخدام تقنيات العزل الحراري والإضاءة الذكية.
  5. التوعية العالمية لتعزيز دور الأفراد والمجتمعات في الحد من الأنشطة المسببة للاحترار العالمي.

التحديات أمام تنفيذ الحلول المناخية

رغم وجود العديد من الحلول المقترحة، يواجه العالم تحديات كبيرة في التنفيذ. تشمل هذه التحديات التكاليف العالية لبعض الحلول، والمقاومة السياسية من بعض الدول التي تعتمد اقتصاداتها بشكل كبير على الوقود الأحفوري. بالإضافة إلى ذلك، فإن تفاوت التأثيرات المناخية بين الدول يجعل من الصعب تحقيق التوافق الدولي، حيث تتضرر بعض المناطق بشدة، بينما تكون التأثيرات أقل في مناطق أخرى.

الخلاصة: التحرك العاجل ضرورة ملحة

في ظل هذه التطورات، بات من الواضح أن العالم يقف على عتبة مرحلة حرجة في مواجهة التغير المناخي. يؤكد العلماء على أهمية التحرك السريع والفعال لتجنب تجاوز عتبات حرجة لا يمكن العودة منها، وضرورة اتخاذ إجراءات حازمة خلال المؤتمرات المقبلة.

تُعد التغيرات المناخية مشكلة عالمية تتطلب حلولًا جماعية ومستدامة، ولا يمكن لدولة واحدة أو منطقة معينة مواجهة هذا التحدي بمفردها. لذا، فإن الالتزام بالتعاون الدولي والتضامن هو السبيل الوحيد للحفاظ على كوكب قابل للعيش للأجيال القادمة.

شارك هذه المقالة
روابط السوشل ميديا
صحفي مهني ومبتكر برامج، يتمتع بخبرة واسعة في مجال الإعلام والتسويق. حائز على شهادات من جوجل ويوتيوب، مما يضيف بُعداً رقميًا متقدمًا لمهاراته في إعداد المحتوى وإدارة الحملات الترويجية. يتميز بقدرات عالية في التخطيط الاستراتيجي للاتصال وتقديم تجارب إعلامية مميزة، مع شغف دائم بتطوير البرامج الإعلامية وتقديم محتوى يلبي احتياجات الجمهور ويترك أثرًا إيجابيًا مستدامًا.
اترك تعليقا