استكشاف الغاز الطبيعي بجرسيف: المغرب على أعتاب “عصر ذهبي” في قطاع الطاقة

بواسطة أميـرة فيصـل

في خطوة تعكس تسارع وتيرة الاستثمارات الطاقية بالمغرب، أعلنت شركة بريداتور أويل آند غاز البريطانية (Predator Oil & Gas) عن بدء الإعدادات النهائية لمنصة حفر البئر الجديد “MOU-5” بمنطقة جرسيف، في إطار مساعيها لتعزيز عمليات التنقيب عن الغاز الطبيعي بجرسيف. ومن المقرر أن تبدأ عمليات الحفر الفعلية في 25 فبراير 2024، وسط توقعات بتحويل هذا المشروع قواعد اللعبة في سوق الطاقة المغربية والإقليمية.

جيولوجيا جرسيف: كنز محتمل تحت الأرض

أشار بول غريفيث، الرئيس التنفيذي للشركة، إلى أن منطقة جرسيف تتمتع ببنية جيولوجية فريدة تُعرف باسم تيتانوسوروس، والتي يُحتمل أن تكون مخزونًا غنيًّا للغاز الطبيعي. وأوضح أن هذا التكوين الصخري قد يشكل نقطة تحول استراتيجية في محفظة أصول الشركة، خاصة مع قربه من بنية تحتية قائمة للغاز، مما يقلل تكاليف الإنتاج ويسرع عمليات التصدير.

“هذه فرصة نادرة لحفر بنية جيولوجية قد تُحدث تأثيرًا كبيرًا على الاقتصاد المغربي وأمنه الطاقي”، وفق تعليق غريفيث.

- Advertisement -

الغاز الطبيعي بجرسيف: ركيزة للتحول الطاقي في المغرب

يأتي هذا المشروع في وقت يعول فيه المغرب على الغاز الطبيعي كحلقة وصل حيوية بين مرحلة الاعتماد على الوقود الأحفوري التقليدي (كالفحم) ومرحلة الانتقال نحو الطاقات المتجددة. وتؤكد الحكومة المغربية أن زيادة إنتاج الغاز المحلي ستمكن من:

  1. خفض انبعاثات الكربون بنسبة تصل إلى 50% مقارنة بالفحم.
  2. تثبيت أسعار الطاقة عبر زيادة المعروض، خاصة في فترات الذروة أو عندما تعجز الطاقة الشمسية وطاقة الرياح عن تلبية الطلب.
  3. جذب استثمارات أجنبية جديدة في البنية التحتية الغازية، التي تصل تكلفتها إلى 43 مليار درهم.

المغرب في خريطة الهيدروكربونات العالمية: لماذا جرسيف مهمة؟

 تقدم منطقة جرسيف  مزايا تنافسية تجعلها جاذبة للشركات العالمية:

  • أسعار الغاز المحلية المرتفعة: مما يضمن عوائد مالية مجزية للمستثمرين.
  • بنية تحتية واعدة: تشمل خط أنابيب غاز إفريقيا-أوروبا (مشروع نيجيريا-المغرب) الذي سيربط القارة العجوز باحتياطيات إفريقيا.
  • دعم حكومي غير مسبوق: عبر إعفاءات ضريبية وتسهيلات إدارية، وفقًا لتصريحات ليلى بنعلي، وزيرة الطاقة المغربية.

التقنيات الحديثة في استكشاف الغاز الطبيعي بجرسيف

أبرز بلاغ الشركة البريطانية أن عمليات التنقيب في جرسيف تعتمد على دمج تقنيات متطورة من كندا والولايات المتحدة، مثل:

  • التحليل الزلزالي ثلاثي الأبعاد لتحديد الطبقات الصخرية الأكثر احتواءً على الغاز.
  • الحفر الأفقي لزيادة مساحة الاستخراج من التكوينات الجيولوجية المعقدة.
  • أنظمة مراقبة الوقت الحقيقي للحد من المخاطر البيئية.

هذه التقنيات تتيح الوصول إلى احتياطيات كانت مُهملة سابقًا بسبب محدودية الطرق التقليدية، مما يعزّز فرص نجاح مشروع الغاز الطبيعي بجرسيف.

ماذا يعني المشروع للمغرب اقتصاديًّا واجتماعيًّا؟

بحسب تقديرات خبراء الطاقة، قد يساهم الاكتشاف التجاري للغاز في جرسيف في:

- Advertisement -
  • خلق 5000 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة بحلول 2026.
  • خفض فاتورة استيراد الطاقة التي بلغت 98 مليار درهم عام 2022.
  • تعزيز الصناعات المحلية (كالإسمنت والأسمدة) عبر توفير غاز أرخص.

التحديات والمخاطر: هل يمكن أن يفشل المشروع؟

رغم التفاؤل الحذر، فإن استكشاف الغاز الطبيعي بجرسيف ليس خاليًا من التحديات:

  • مخاطر جيولوجية: احتمال أن تكون طبقة “تيتانوسوروس” أقل غنى بالغاز من التوقعات.
  • تقلبات السوق العالمية: انخفاض أسعار الغاز قد يؤثر على الجدوى الاقتصادية.
  • ضغوط بيئية: من قبل منظمات تُعارض أي استثمار في الوقود الأحفوري، حتى كمرحلة انتقالية.

رؤية المغرب الطموحة: 51% طاقة متجددة وغاز كجسر انتقالي

تؤكد ليلى بنعلي أن المغرب يسير على مسار متوازن:

  • مضاعفة إنتاج الغاز المحلي لتلبية 30% من الاحتياجات الصناعية بحلول 2030.
  • رفع مساهمة الطاقة المتجددة إلى 51% عبر مشاريع كمركب نور للطاقة الشمسية.
  • تحويل المغرب إلى مركز غازي إقليمي عبر الربط بأنابيب إفريقية وأوروبية.

الاستثمارات التاريخية: 29.4 مليار درهم في 22 عامًا

كشف بيانات وزارة الطاقة أن المغرب أنفق 29.4 مليار درهم بين 2000 و2022 على عمليات التنقيب عن الهيدروكربونات، بتمويل رئيسي من شركات دولية. ويعكس مشروع الغاز الطبيعي بجرسيف استراتيجية جديدة تركز على:

- Advertisement -
  • الجاذبية المالية: شروط استثمارية تُصنف بين الأفضل عالميًّا.
  • الشراكات التقنية: مع كبريات الشركات الكندية والأمريكية.

جرسيف… بوابة المغرب إلى مستقبل طاقي مستدام

يمثل مشروع الغاز الطبيعي بجرسيف أكثر من مجرد عملية تنقيب؛ إنه جزء من رؤية متكاملة لتحويل المغرب إلى قوة طاقية إقليمية. وبينما ينتظر الاقتصاد الوطني نتائج حفر البئر MOU-5 بترقب، تُثبت المملكة مرة أخرى قدرتها على الجمع بين الابتكار التقني والفرص الجيوسياسية لبناء نموذج طاقي فريد.

شارك هذه المقالة
اترك تعليقا