انطلقت النسخة الثالثة عشرة من الملتقى الدولي للتمر في أرفود، تحت شعار “صمود نظم الواحات في ظل التغيرات المناخية”، لتركز هذه الدورة على إبراز دور سلسلة نخيل التمر كرافعة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية وأهمية النظام البيئي في الواحات. وتهدف إلى تعزيز الوعي بأهمية هذا القطاع ودعمه عبر استراتيجية “الجيل الأخضر”، التي تركز على التنمية المستدامة لمناطق الواحات وتحسين ظروف معيشة السكان.
قام السيد أحمد البواري، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، برئاسة مراسيم افتتاح الملتقى الدولي للتمر بالمغرب “SIDATTES” يوم 30 أكتوبر 2024 بأرفود، وسط حضور وفود وشخصيات رسمية رفيعة، من بينها والي جهة درعة-تافيلالت، وعامل إقليم الرشيدية، إضافة إلى رؤساء المجالس المحلية ورؤساء الغرف الفلاحية والمهنيين المحليين.
شعار الملتقى الدولي للتمر: صمود نظم الواحات
تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تستمر فعاليات الدورة 13 من الملتقى الدولي للتمر من 29 أكتوبر إلى 3 نوفمبر 2024. تركز هذه النسخة على النظم البيئية للواحات المغربية والتحديات التي تواجهها، مع تسليط الضوء على التقدم في تحقيق التنمية المستدامة للواحات، وبخاصة من خلال الإدارة المستدامة للمياه والحفاظ على الموارد الطبيعية.
يمتد الملتقى الدولي للتمر على مساحة تتجاوز 40,000 متر مربع ويضم 7 أقطاب تشمل حوالي 230 عارضاً، مما يخلق منصة هامة للتبادل التجاري، وعرض منتجات التمور وأدوات ومستلزمات الإنتاج، وإقامة شراكات جديدة تهدف إلى تعزيز الفلاحة الواحية.
الملتقى الدولي للتمر: دعم السياحة المستدامة والتنمية الاقتصادية
لا يقتصر الملتقى الدولي للتمر على تعزيز الإنتاج الزراعي فقط، بل يسهم كذلك في دعم السياحة المستدامة في المنطقة. يمثل هذا الملتقى حدثاً رئيسياً يجذب آلاف الزوار من داخل المغرب وخارجه، حيث يمكن للزوار استكشاف منتجات الواحات وتقاليدها، والتعرف على زراعة النخيل التي تشكل جزءاً مهماً من التراث الثقافي والزراعي المغربي.
يسهم الملتقى في تعزيز الحركة الاقتصادية، وتوفير دخل إضافي لأصحاب المشاريع الصغيرة، كالتعاونيات والشركات المحلية، من خلال جذب السياح الذين يتوافدون للتعرف على التقاليد الزراعية ومشاهدة أساليب الإنتاج. ويتيح هذا الحدث أيضاً فرصة للزوار لزيارة المواقع السياحية القريبة في جهة درعة تافيلالت، مما يسهم في تحفيز الحركة السياحية في المنطقة ويزيد من عائدات الواحات الاقتصادية.
التحديات البيئية والحلول المطروحة في الملتقى الدولي للتمر
يواجه قطاع نخيل التمر تحديات بيئية عدة، تتعلق بنقص المياه وتغيرات المناخ المتزايدة التي تهدد استدامة الإنتاج الزراعي في الواحات. وللتصدي لهذه التحديات، يركز الملتقى الدولي للتمر على تقديم حلول عملية لمعالجة مشكلات التغير المناخي وندرة المياه من خلال مناقشة أحدث التقنيات الزراعية، وسبل تحسين استدامة الموارد الطبيعية.
ومن بين الحلول المقترحة تعزيز تقنيات الري الحديثة، مثل الري بالتنقيط واستخدام الطاقة المتجددة. تُعدّ مشاريع الري بالطاقة الشمسية من أبرز الحلول الفعالة التي يجري تنفيذها في المنطقة، إذ تسهم في تقليل استهلاك الطاقة وتقليل تكاليف الري، مما يسهم في استدامة الموارد المائية ويحافظ على بيئة الواحات.
برامج استثمارية وتعليمية لدعم قطاع التمور
في إطار الملتقى، تُسلط الأضواء على البرامج التعليمية والتدريبية التي تهدف إلى تحسين مهارات الفلاحين والمزارعين في زراعة نخيل التمر. يتم تنظيم ورش عمل وجلسات تدريبية تقدم أحدث الابتكارات الزراعية، مما يسهم في دعم الابتكارات المحلية وتشجيع المبادرات الريادية.
يشجع الملتقى الدولي للتمر المبادرات الشبابية من خلال توفير برامج تمويلية لدعم المشاريع الريادية المرتبطة بصناعة التمور. كما تُعد هذه المبادرات فرصة للشباب لدخول قطاع التمور من خلال إنشاء مشاريعهم الخاصة، وتعزيز التعاونيات الفلاحية التي تقدم حلولاً مبتكرة وداعمة لقطاع التمور. توفر هذه المشاريع فرص عمل جديدة، مما يعزز من قدرة التمور المغربية على المنافسة في السوقين المحلي والدولي.
مشاريع التنمية المستدامة في الواحات
تزامناً مع الملتقى الدولي للتمر، يجري العمل على تنفيذ العديد من المشاريع التي تهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة في مناطق الواحات، مثل تحسين البنية التحتية للري وإعادة تأهيل القنوات المائية القديمة. ومن بين المشاريع الرئيسية، مشروع نقل مياه الفيضانات من وادي غريس إلى وادي زيز، والذي يسهم في توفير موارد مائية مستدامة تدعم الزراعة في الواحات وتحسن حياة أكثر من 6700 شخص في المنطقة.
تشمل المشاريع الأخرى توزيع الفسائل، وتطوير تقنيات مكافحة حرائق الواحات، وتجهيز الواحات بالطاقة الشمسية والإضاءة الصديقة للبيئة، ما يساعد في توفير بنية تحتية قوية للمحافظة على استدامة المناطق الزراعية. كما يجري العمل على مشروع الري بالطاقة الشمسية الذي يُعتمد عليه لسقي أكثر من 1000 هكتار من الأراضي، مما يساهم في تخفيف عبء تكاليف السقي ويساعد في دعم صغار الفلاحين وتحسين ظروفهم.
الأهمية البيئية والاقتصادية لنخيل التمر
تعود زراعة نخيل التمر في المغرب إلى قرون مضت، وتشكل محورًا رئيسياً للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في مناطق الواحات، حيث يسهم النخيل في حماية الواحات من التصحر والتغيرات المناخية. يسهم نخيل التمر في تعزيز جودة التربة، وتحسين البيئة المحلية، ويعد داعماً رئيسياً للتنوع البيولوجي في المنطقة.
من الناحية الاقتصادية، يوفر قطاع نخيل التمر فرص عمل متعددة لسكان الواحات، بدءاً من زراعة النخيل وحتى مراحل التصنيع والتصدير. وتعتبر هذه الزراعة فرصة لدعم النمو الاقتصادي في المنطقة من خلال تطوير الصناعات المرتبطة بالتمور، مثل التصنيع، التغليف، والتصدير، مما يسهم في رفع مستوى المعيشة ويخلق فرص استثمار جديدة.
الملتقى الدولي للتمر: منصة شاملة لدعم القطاع الزراعي
يمثل الملتقى الدولي للتمر ملتقىً هاماً يجمع الفلاحين، المستثمرين، والمهنيين من مختلف البلدان لتبادل الخبرات وأحدث الابتكارات في مجال زراعة النخيل. ويهدف هذا الملتقى إلى خلق فرص تجارية جديدة، وتعزيز التعاون بين الشركات المحلية والدولية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة في مجال الزراعة.
يُعدّ الملتقى الدولي للتمر نموذجًا مثاليًا لنجاح المغرب في تطوير قطاع نخيل التمر وتعزيز الاستدامة البيئية والاجتماعية في الواحات، إذ يمثل هذا الملتقى منصة شاملة تساهم في تحقيق رؤية متكاملة تدمج بين التنمية الاقتصادية، والحفاظ على البيئة، وتحسين الظروف الاجتماعية، مما يعزز من استقرار ونمو مناطق الواحات ويدعم رفاهية سكانها.