دراسة مغربية: أثر تعدد الزوجات على التعليم في المغرب

بواسطة أميـرة فيصـل
دراسة مغربية: أثر تعدد الزوجات على التعليم في المغرب
دراسة مغربية: أثر تعدد الزوجات على التعليم في المغرب

كشفت دراسة مغربية حديثة، نُشرت في العدد الحادي عشر من المجلة العلمية المحكمة “Heliyon“، عن أن تعدد الزوجات يُعتبر أحد العوامل الرئيسية التي تُساهم في ارتفاع معدلات الهدر المدرسي بين الأطفال في المملكة. وأظهرت الدراسة أن الأطفال المنتمين لأسر متعددة الزوجات هم الأكثر عرضة لترك مقاعد الدراسة مبكرًا، مما يسلط الضوء على التأثيرات السلبية لهذا النمط الأسري على التعليم.

تحليل معمق للظاهرة

d الدراسة التي حملت عنوان “العوائق الإقليمية المسببة للهدر المدرسي المبكر في المغرب.. تحليل مكاني متعدد التغيرات”، شملت تحليلًا مكانيًا معمقًا للهدر المدرسي في 75 إقليمًا مغربيًا، واعتمدت على ما يقرب من 100 متغير، بما في ذلك التنوع اللغوي والثقافي، الهيكل الديمغرافي، حجم الأسرة، ومستوى إتقان اللغات الأجنبية.

وأوضحت الدراسة أن معدلات الهدر المدرسي تتفاوت بشكل كبير بين المناطق، حيث تصل أدنى مستوياتها إلى 1% في الأقاليم الأقل تأثرًا، بينما ترتفع إلى 25% في المناطق الأكثر عرضة للخطر. وبلغ المتوسط العام حوالي 8% مع انحراف معياري قدره 4.4%.

أثر تعدد الزوجات على التعليم

أظهرت الدراسة أن الأسر التي يُعد أربابها متعددي الزوجات تُساهم بشكل كبير في ارتفاع معدلات الهدر المدرسي. وأوضح الباحثون أن العبء المالي على رب الأسرة يتضاعف في هذه الحالات، خاصة عندما يكون هو المسؤول الوحيد عن إعالة الأسرة بأكملها. وقال معدا الدراسة: “يُنظر إلى تعدد الزوجات كعامل مُفاقم لاستبعاد الأطفال من المدرسة”. وأضافا أن كبر حجم الأسرة يُشكل تحديًا إضافيًا يؤدي إلى زيادة معدلات التسرب من المدارس.

- Advertisement -

الهدر المدرسي والإقليمية

سلطت الدراسة الضوء على أن الأقاليم الجنوبية للمملكة مثل كلميم، بوجدور، السمارة، طانطان، وآسا الزاك تُسجل أدنى معدلات الهدر المدرسي. أما المناطق ذات المعدلات المرتفعة فتشمل أقاليم مثل شيشاوة، الصويرة، الرحامنة، أزيلال، وشفشاون. وبيّنت الدراسة أن البعد عن الطرق المعبدة وسوق الشغل المحلي الذي يعتمد على وظائف غير مستقرة يُعدان من العوامل المؤثرة في زيادة هذه المعدلات.

تأثير محدودية الكفاءة في اللغات الأجنبية

أكدت الدراسة أن الأطفال في المناطق التي يُعد سكانها محدودي الكفاءة في اللغات الأجنبية، مثل الفرنسية والإنجليزية، يواجهون خطرًا أكبر للهدر المدرسي. وأوضحت أن مستوى إتقان اللغات الأجنبية يُشكل عاملًا مهمًا في تعزيز فرص الأطفال في التعليم واستمرارهم فيه.

تعدد الزوجات ومحدودية الاستقلالية

أشارت الدراسة إلى أن الأرامل غالبًا ما يواجهن تحديات مالية واجتماعية تزيد من احتمالية تسرب أطفالهن من المدارس. كما بيّنت أن الجمع بين الترمل وتعدد الزوجات يُضاعف من الأعباء المالية والاجتماعية على الأسرة، مما يؤدي إلى تفاقم ظاهرة الهدر المدرسي.

التحديات الإضافية

وبحسب الدراسة، فإن تعدد الزوجات يزيد من تعقيد الهيكل الأسري، مما يؤدي إلى تقليل الموارد المخصصة لكل طفل على حدة. وأشارت النتائج إلى أن هذا النمط الأسري يضعف قدرة الأسرة على توفير الدعم التعليمي للأطفال، خاصة في المجتمعات التي تعتمد على الأب بشكل رئيسي كمصدر وحيد للدخل.

التحديات النفسية والاجتماعية للأطفال

لم تقتصر آثار تعدد الزوجات على الجانب الاقتصادي فحسب، بل تشمل أيضًا التأثيرات النفسية والاجتماعية على الأطفال. إذ أشار الباحثون إلى أن الأطفال في هذه الأسر غالبًا ما يعانون من قلة الاهتمام الشخصي من الوالدين، مما يؤدي إلى تدني التحصيل الدراسي وضعف الثقة بالنفس.

- Advertisement -

توصيات للحد من الظاهرة

للتصدي لهذه المشكلة، أوصى الباحثون بوضع سياسات تعليمية واجتماعية تستهدف الأسر متعددة الزوجات والأسر الكبيرة الحجم. وشددوا على أهمية تعزيز برامج التوعية والتثقيف حول تأثير تعدد الزوجات على التعليم. كما اقترحوا تطوير البنية التحتية التعليمية وتحسين الوصول إلى الطرق المعبدة في المناطق النائية.

وتضمنت التوصيات دعم الأسر اقتصاديًا من خلال برامج حكومية تضمن توزيعًا أكثر عدالة للموارد، مع تعزيز دور المرأة في اتخاذ القرارات داخل الأسرة لتقليل الضغط على رب الأسرة. بالإضافة إلى ذلك، اقترح الباحثون تحسين الوصول إلى الخدمات النفسية والاجتماعية للأطفال لمساعدتهم على تجاوز التحديات التي يواجهونها.

تُعد ظاهرة الهدر المدرسي في المغرب قضية متعددة الأبعاد تتأثر بعوامل اقتصادية واجتماعية وثقافية. ويُبرز البحث العلاقة الواضحة بين تعدد الزوجات وزيادة معدلات التسرب من المدارس، مما يتطلب تعاونًا مشتركًا بين الجهات الحكومية والمجتمع المدني لمعالجة هذه الظاهرة وتحقيق مستقبل أفضل للأطفال في المغرب.

- Advertisement -
تم وضع علامة:
شارك هذه المقالة
اترك تعليقا