استقالة جاستن ترودو: لحظة حاسمة لكندا وسط دعوة ترامب لضمها إلى الولايات المتحدة

بواسطة أميـرة فيصـل 5 دقيقة للقراءة
استقالة جاستن ترودو: لحظة حاسمة لكندا وسط دعوة ترامب لضمها إلى الولايات المتحدة
استقالة جاستن ترودو: لحظة حاسمة لكندا وسط دعوة ترامب لضمها إلى الولايات المتحدة

أحدثت استقالة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو زلزالًا سياسيًا، حيث يواجه الحزب الليبرالي الحاكم تحديًا كبيرًا في العثور على قائد جديد لإنقاذ الحزب من هزيمة شبه مؤكدة في الانتخابات العامة المقبلة. أعلن ترودو استقالته يوم الاثنين بعد أسابيع من الضغوط المكثفة، بسبب ما اعتُبر سوء إدارة لقضايا رئيسية مثل التضخم، أزمة الإسكان، والخدمات العامة. وانخفضت شعبيته إلى أدنى مستوياتها، متخلفًا بفارق 20 نقطة عن زعيم المحافظين بيير بوالييفر في استطلاعات الرأي قبل الانتخابات المقرر إجراؤها بحلول أكتوبر/تشرين الأول 2025.

أسباب استقالة جاستن ترودو

وُجهت انتقادات شديدة لجاستن ترودو بتحميله مسؤولية الأزمات الاقتصادية في البلاد، بما في ذلك ارتفاع معدلات التضخم وأزمة الإسكان المتفاقمة وضعف الخدمات العامة. وأظهرت استطلاعات الرأي مؤخرًا أن الكنديين غير راضين بشكل كبير عن قيادته. ويواجه الحزب الليبرالي الآن تحديًا كبيرًا لاستعادة الثقة وإعادة بناء صورته أمام الناخبين.

وقبل أن تصبح استقالة ترودو رسمية، بدأت النقاشات الداخلية بين شخصيات بارزة تطمح لقيادة الحزب. وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز”، برزت أربع شخصيات رئيسية كمرشحين محتملين:

1. مارك كارني (59 عامًا)

الحاكم السابق لبنك كندا، شغل منصب مستشار اقتصادي للحزب الليبرالي منذ الصيف الماضي. كثف كارني جهوده مؤخرًا لتقييم مستوى الدعم الذي يحظى به داخل الحزب. عُرف بخبرته في الشؤون المالية العالمية، حيث شغل أيضًا منصب حاكم بنك إنجلترا. في كتابه “القيم”، وجه انتقادات حادة للرأسمالية ودعا إلى أن تخدم الأسواق المجتمع بشكل أوسع.

- Advertisement -

2. كريستيا فريلاند (56 عامًا)

شغلت منصب نائب رئيس الوزراء ووزيرة المالية سابقًا، وقدمت استقالتها الشهر الماضي، مما أثار تكهنات بأنها تستعد للترشح لقيادة الحزب. تتمتع بخلفية مهنية في الصحافة وانضمت إلى الفريق السياسي لترودو عام 2013. لعبت دورًا رئيسيًا في إعادة التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا) خلال الإدارة الأولى لدونالد ترامب.

3. دومينيك ليبلانك (57 عامًا)

خلف فريلاند في وزارة المالية، وهو صديق مقرب لجاستن ترودو. لعب دورًا مهمًا في المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة، ويُعتبر شخصية دبلوماسية قادرة على توحيد صفوف الحزب.

4. ميلاني جولي (45 عامًا)

تشغل حاليًا منصب وزيرة الخارجية منذ عام 2021، وقد قادت إستراتيجية كندا لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ. عُرفت بدبلوماسيتها البراغماتية وسعيها للتعاون مع قادة يحملون وجهات نظر مختلفة في السياسة الخارجية.

تحديات تنتظر خليفة جاستن ترودو

يشير المحللون السياسيون إلى أن القائد المقبل للحزب الليبرالي سيواجه صعوبات كبيرة. وقال أندريه لامورو، أستاذ العلوم السياسية بجامعة كيبيك في مونتريال: “إنها قضية خاسرة. لا أحد في الحزب الليبرالي اليوم في موقع يسمح له بإعادة الحماسة أو كسب الدعم الشعبي”. ويزداد الوضع تعقيدًا مع صعود المحافظين وزيادة شعبيتهم بفضل منصة بوالييفر القوية واستياء الجمهور من سياسات الليبراليين.

دعوة ترامب لضم كندا إلى الولايات المتحدة

وسط هذه الفوضى السياسية، لم يُضِع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الوقت في تجديد دعوته المثيرة للجدل لضم كندا إلى الولايات المتحدة. وفي منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، قال ترامب: “إذا انضمت كندا إلى الولايات المتحدة، فلن تكون هناك تعريفات جمركية، وستنخفض الضرائب بشكل كبير، وستكون كندا آمنة تمامًا من التهديدات الروسية والصينية البحرية”.

- Advertisement -

هذه ليست المرة الأولى التي يطرح فيها ترامب مثل هذا الاقتراح. خلال فترة رئاسته، هدد مرارًا بفرض تعريفات جمركية كبيرة على المنتجات الكندية، مستغلًا العلاقة التجارية الوثيقة بين البلدين. تعد الولايات المتحدة الشريك التجاري الأكبر لكندا، حيث تستقبل 75% من صادراتها، ويعتمد حوالي مليوني كندي على التجارة مع الولايات المتحدة لكسب رزقهم. ومع ذلك، رفض القادة الكنديون اقتراح ترامب باعتباره غير عملي وغير مقبول سياسيًا.

الآثار الاقتصادية والإستراتيجية

تظل الولايات المتحدة الشريك التجاري الأكبر لكندا، حيث تصل قيمة التجارة الثنائية بين البلدين إلى مئات المليارات من الدولارات سنويًا. ورغم أن تصريحات ترامب تسلط الضوء على الترابط الاقتصادي بين البلدين، إلا أنها تبسط التعقيدات السياسية والثقافية لنظامين مختلفين تمامًا. بالإضافة إلى ذلك، تضيف اعتبارات جيوسياسية مثل سيادة كندا على القطب الشمالي والتحالفات الدولية طبقات من التحدي لأي مقترح اندماج.

المستقبل السياسي لكندا

بينما تستعد كندا لانتخابات مصيرية، لا يمكن التقليل من أهمية المرحلة المقبلة. يجب على القائد القادم للحزب الليبرالي معالجة القضايا الاقتصادية الملحة، واستعادة ثقة الجمهور، ومواجهة صعود المحافظين. وفي الوقت نفسه، تسلط تعليقات ترامب الضوء على أهمية العلاقات بين الولايات المتحدة وكندا، حتى في ظل التحديات التي تواجه الشراكة المعقدة بينهما.

- Advertisement -

ستختبر الأشهر المقبلة قدرة كندا على الصمود والتكيف مع التحديات الداخلية والخارجية. والأكيد أن استقالة ترودو تمثل نهاية حقبة وبداية فصل حاسم في تاريخ البلاد.

شارك هذه المقالة
اترك تعليقا